أقسمنا أن لا ننسى ولا نسامح

الثورة السورية: خواطر ومشاعر (41)

12/1/2012

أقسمنا أن لا ننسى ولا نسامح

مجاهد مأمون ديرانية

انتشرت أمس في مواقع الثورة وصفحاتها صورةُ أصغر شهداء التعذيب في سوريا، بل في العالم كله، الصغيرة البريئة عفاف ذات الشهور الأربعة. هل رأيتموها؟ أنا رأيتها. هل كررتم مشاهدتها عشر مرات؟ أنا فعلت. هل بكيتم من هول الصورة وبشاعة الجريمة؟ أنا بكيت. هل أحسستم في قلوبكم نيراناً من الأسى والغضب؟ أنا أحسست. هل عزمتم على أن لا تنسوا وجهها البريء وجسدها المكدوم؟ أنا عزمت. هل أقسمتم أن لا تنسوا تلك المشاهد حتى تقتصّوا لها من قَتَلتها؟ أنا أقسمت.

هل نسيتم صورة علا الجبلاوي؟ وصورة هاجر الخطيب؟ وصور رضا علوية ومنذر المسالمة وتمام الصيادي وأنس الحريري وإسراء يونس ومجد الرفاعي وإبراهيم الشيباني؟ وصور حمزة وثامر المريعة الفظيعة؟ أنسيتم أياً من تلك الصور؟ إياكم أن تفعلوا!

أرجو أن تتذكروها كما تتذكرون صور وجوهكم التي تنظرون إليها في المرآة في الصباح وفي المساء. شاهدوها كل يوم مرة أو مرتين، إياكم أن تنسوها إذا جاء اليوم الموعود، وإنه لآتٍ لا ريب فيه إن شاء الله.

ذات يوم سيسقط هذا النظام الفاجر؛ قد يسقط بين الساعة التي أكتب فيها هذه الكلمات والساعة التي تقرؤونها فيها على المواقع والمنتديات والصفحات، وقد يسقط بعد شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين أو سنوات… سوف يسقط لا محالة بإذن الله، فلقد أقسم هذا الشعب أنه لا يعود إلى البيوت حتى يسقط النظام، ولو طال الزمان ولو تعاظمت التضحيات.

في ذلك اليوم ستسمعون كلاماً من أعجب الكلام، سوف يظهر قوم يدعونكم إلى التسامح والغُفران، سوف يتحدث قوم عن طيّ صفحة وفتح صفحة والنظر إلى الأمام. لا بد أن يحدث ذلك، فهؤلاء الناس موجودون على الدوام، لا يهمّني ما نيّاتهم وما دوافعهم، أخيرٌ أم شر، لكنهم موجودون وسوف يقولون ما يقولون.

إياكم أن تُصغوا إلى ما يقولون. إياكم أن تصغوا إلى دعاة التسامح والغفران. أنتسامح مع من قتل أطفالنا؟ أنتسامح مع من اغتصب نساءنا؟ أنتسامح مع من عذب شبابنا؟ أنتسامح مع من نهب بلادنا؟ أنتسامح مع من أكل أعمارنا؟

لا والذي بعث محمداً بالحق، لا والذي رفع السماء بلا عمد، لا نرضى إلا بالقصاص، القصاص الكامل من أصغر مجرم إلى كبير المجرمين، القصاص العادل الذي يقرره القضاء العادل، بلا زيادة ولا نقصان. {إنّما جزاءُ الذين يحاربون الله ورسولَه}، اللهمّ إنا ما عرفنا أشدّ حرباً عليك وعلينا منهم، {ويسعَون في الأرض فساداً}، اللهمّ إنهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون، {أنْ يُقَتّلوا}، اللهمّ إنا قد عزمنا على أن نقيم فيهم حكمك الذي قضيت به من فوق سبع سماوات.

ثم لا يظن أولئك أنهم سينجون من عذاب الآخرة: {ذلك لهم خزيٌ في الدنيا، ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم}، فإن أفظع قصاص نَقتصُّه منهم لا يعادل عُشر معشار ما فعلوه بنا، وإن القصاص والقتل لا يردّ شهيداً قتلوه ولا يمحو عذاباً عذّبوه… لا، إنما القصاص الحقيقي هناك في دار البقاء، في محكمة السماء.

يا أيها القتلة المجرمون: لا تعتمدوا على طيبة قلوبنا بعد اليوم، لقد جاوزتم في إجرامكم كل الحدود وبلغتم في الوحشية غاية الغايات. إنّا أقسمنا أن لا ننسى، أقسمنا أنه لا تَسامحَ ولا غُفران.

هذا المنشور نشر في خواطر ومشاعر. حفظ الرابط الثابت.

15 Responses to أقسمنا أن لا ننسى ولا نسامح

  1. beshr كتب:

    لا تسامح لا غفران يجب أن يكون عبرة لمن غيره .
    لانتهاون مع من يقتل أولادنا ويهتك أعراضنا .
    القصاص أت يا بشار لك ولكل الأشرار وشبيحتك سيسبحون بدمهم ليصبح أنهار و أنهار

  2. Abu yasser كتب:

    نعم صدقت ، بارك الله فيك يا أخ مجاهد ، فالشعب السوري لن ينس وسيقتص من كل من شارك بهذه الجرائم ولو بإشاره ، ومهما بلغ عدد أولئك المجرمين ، فقد تذكرت القصه التي حدثت في عهد عمر رضي الله عنه في صنعاء ، حيث اشتركت إمرأه ورجلين في اغتيال غلام ، لألا يخبر زوجها عن خيانتها ،وكشف أمرهم ، فأمر بإقامة الحد عليهم ، وقال قولته المشهوره رضي الله عنه: لو اشترك فيه أهل صنعاء جميعاً لقتلتهم به.

  3. أخي مجاهد.. أقسمنا ذلك منذ سقوط أول قطرة دم في درعا..

    حياك الله

  4. مناصر كتب:

    نقسم معك على ذلك إن شاء الله سينالهم العدل الاسلامي ليعرفوا نهايتهم القتلة بالقتل وأمام الأشهاد والملأ وبمحاكمة علنية حتى يتعظ من وراءهم
    وفقكم الله وسددكم
    ويجب نشر الصورة لكل الشعوب حتى تراها

  5. لاتضيّقوا واســـــــــــــعاً ياجماعة..!! لابد من التسامح والمسامحة والسماحة، كما لابد من الحساب والمحاسبة وأن ينال كل ذي حق حقه وكل ذي جريمة عقوبته. وإنما رحم الله عبداً ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمحاً إذا اقتضى. النظام لوّث كل الناس بجرائمه ولن تجد إلا القليل القليل ممن لم يتلوّث. أتفهم كلام أخينا الكاتب تماماً فالحساب فريضة، والمسامحة خير، لاتثريب عليكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء. صلوات الله وسلامه على معلّم الناس الخير، ومالايدرك كله لايترك جلّه. وجعل الله خلاصنا من هالنظام الفاشي الوحشي قريباً قريباً قريباً.

    • كل الشكر والتقدير لمرور أخي الكاتب الأريب الأديب بدر الدين وتكرمه بالتعليق.

      صحيح أن الذين تلوثوا مع النظام كثيرون، لأن كل شخص اشتغل في دوائره فهو مسؤول عن إطالة عمره بطريقة أو بأخرى، لكنهم ليسوا جميعاً سواء. من أولئك الملايين يهمّنا بصورة خاصة أن نقتصّ من أصحاب الجرائم الكبرى: القتل والتعذيب والاغتصاب والخطف والتجسس. أحسب أن هذه الأصناف لا تستحق التسامح مهما تكن الظروف والله أعلم.

  6. shanfara كتب:

    قبل ما نقوم بترويج هذه البشاعة يجب التأكد منها، ما هي صحة هذا الخبر، لأن الأم ظهرت على التلفزيون السوري، و أخبرت بأنها ماتت بجلطة قلبية، لم تخبر أكثر من ذلك، ربما أنها ماتت من البرد.
    لكن قبل نشر أي خبر رجاءا أن يتم التأكد منه!

  7. جابر عثرات الكرام كتب:

    ابو الشاعة… فوق يعني…. اذا ماتت من البرد معليش , اذا هيك لكان لن نسامح المسؤلين عن موتها ورح نموتهم من البرد منيح هيك. وعم تحكي وزعلان والله بيكفي انك بتشوف التلفزيون السوري لنعرف مين انت. ………على اية حال رحمة الله عليها

    • لا أجد في قول الأخ “شنفرا” ما يُلام عليه، فهو يرجو التثبت من حقيقة الحادثة قبل التعليق عليها لأن النظام يحاول أن يستغل بعض الحالات ليضرب مصداقية الثورة، صنع ذلك في حادثة زينب الحصني وها هو يكرر الأسلوب نفسه مع عفاف، لكن من الواضح لنا -من مشاهدة الفيديو الأصلي الذي يتحدث فيه عمها والذي تبدو فيه الكدمات على يديها وظهرها- أن القصة حقيقية وأن الفيديو الذي بثه إعلام النظام لعبة مكشوفة. مع ذلك يببقى الذي قاله أخونا جابر عثرات الكرام صحيحاً، فسواء ماتت الطفلة من البرد أو لأي سبب آخر فإن النظام المجرم هو المسؤول عن وفاتها وهو المسؤول عن كل الكوارث التي يعاني منها الناس في سوريا، أبعده الله.

      أما مشاهدة اللقاء الذي بثته القناة السورية مع الأم فأنا أيضاً شاهدته، ليس على شاشة القناة ولكن في مقطع يوتيوب على الشبكة، ومن ثم فإنه ليس سبباً لإدانة الأخ صاحب التعليق أو الظن السيّئ به والله أعلم.

      • shanfara كتب:

        سلمت أخي مجاهد و يسلم أمثالك.

        أخ جابر علينا أن نتعلم كيف نتكلم مع بعضنا قبل ما نقوم بتوجيه الاهانات المباشرة و الغير مباشرة وإلا فنحن مازلنا نعيش الاستبداد الداخلي الذي تربينا عليه، علينا أن نسقطة من نفوسنا قبل أن نسقطة من الحكم.

        آثار اللون الازرق يدل على البرد ايضا وخاصة عند الأطراف، و يدل على الاهمال الذي تعرضت له و ربما داخل المعتقل، و ما ادراك ما المعتقل، و الله يصبر امها.

  8. التنبيهات: أقسمنا أن لا ننسى ولا نسامح . . بقلم: مجاهد مأمون ديرانية « مختارات من أحداث الثورة السورية

  9. أقسمنا أن يفنى الأسد…أقسمنا أن نثأر …أقسمنا أن ننتقم وبنفس أساليبهم…لن نرحمهم…لن نتعامل مهم بإنسانيتنا بعد اليوم…والله لن نسامح ولن نغفر ولن ننسى..لن ننسى ..لن ننسى

  10. najwa كتب:

    كلام و رد ممتاز يا مجاهد, أوافقك الرأي, الكدمات على جسم هذه الطفلة الصغيرة كان فعلاً واضحاً و كان مؤثراً جداً هذا المظهر, كيف يفعلون هذا بأطفال؟؟!. و على كل حال النظام و شبيحته و فرق الموت التابعة له غارقة في دماء أطفال من حمزة الخطيب و ثامر الشرعي و عفاف و المئات الآخرين على أقل تقدير و حسب منظمة يونيسيف لحقوق الأطفال و موثق! نظام شيطاني لا يستحي من شيء, فاشي بكل معنى الكلمة.

  11. hamza saeed كتب:

    نعم سنحاسب كل من أوغل في قتل السوريين من أي طائفة كان ومن أي قومية كان الكل محاسب أمام القانون والذين يفرون خارج سورية سنلاحقهم ونقتص منهم هل يحسبون بهروبهم أنهم نجوا والله ستلاحقهم الدماء التي أراقوها وصرخات المعذبين التي تملأ أذانهم والأعراض التي انتهكوها … ستلاحقهم حتى مماتهم وسيعاقبون عليها في الدنيا قبل الآخرة

  12. أحلام النصر كتب:

    جزاكم الله خيراً أستاذي الفاضل ، واسمحوا لي بهذه القصيدة المتواضعة أهديها إلى روح عصفورة الجنان عفاف شهيدة الحرية .
    *******
    عصفورة الجنة عفاف سراقبي
    ———————————
    يا قسوةَ الطُّغيانِ إنْ عاثَ الفسادُ بهِ فسادا !!

    قتلاً وَتعذيباً وَترويعاً بهِ سامَ العبادا

    أَسَروا الصِّغارَ كما الكبارِ إلى السُّجونِ إلى المعاقلْ

    قتلوهمُ ضرباً وَتشويهاً وَشنقاً في المقاصلْ

    ذي طفلةٌ قدْ فاقَ سحرُ بريقِها نبعَ الصَّفاءِ

    هيَ برعمُ الأزهارِ ورديٌّ لهُ معنى السَّناءِ

    أخذَ اللِّئامُ صغيرةَ الأبَوَينِ ساموها عذابا

    ضرباً أليماً موجعاً متوحِّشاً فَتِكاً عُجابا !!

    ظلمٌ أثيمٌ حاقدٌ لمْ يرحمِ السِّنَّ الصَّغيرا !!

    لمْ تبلغِ السَّنةَ التَّمامَ وَلمْ تُدِرْ أمراً خطيرا !!

    هذي شريعةُ غابهمْ فَهُمُ الوحوشُ الضَّارياتُ

    لمْ يفقهوا أنَّا أوانَ الحربِ أُسْدٌ عادياتُ

    للهِ أنتِ أيا عفافُ وَكلُّنا بالثَّأرِ قادمْ

    سَنُسَوِّدُ الإسلامَ فينا كي يكونَ العدلُ حاكمْ

    ******
    شعر : أحلام النصر

اترك رداً على Abu yasser إلغاء الرد