مصير سوريا يقرّره السوريون

رسائل الثورة السورية المباركة (141)

10/4/2013

مصير سوريا يقرّره السوريون

مجاهد ديرانية

عندما أعلنت الولايات المتحدة الحرب على جبهة النصرة وقف معها أحرار سوريا وقالوا: “لن نسمح بأن تمتد يدٌ أجنبية بعدوان على من جاء لينصر الحق ويدافع عن المظلومين”. وكنت واحداً من الذين شاركوا في الدفاع عن الجبهة، واجباً عليّ لا تفضلاً مني، فكتبت: “إن سوريا ليست بحاجة إلى رجال، إنما هي بحاجة إلى المال. ولكني لا أرضى ولا يرضى أحد من السوريين الشرفاء أن نخون مَن جاءنا من إخواننا المسلمين ولا أن نجحد فضله وسابقته. فليعلم العالم أن ن السوريين لم يكونوا يوماً من أهل الغدر والجحود؛ لقد كانت عادتهم الوفاء على الدوام، فلن يبدلوا اليوم عادتهم ولن يقطعوا اليد التي امتدت إليهم لتعينهم على قهر الشر والطغيان”.

ذلك كان موقفي وما يزال، ولكني أريد أن أضيف اليومَ إلى ما قلته من قبلُ كلمةً صغيرة: نحن نضع ضيوفنا في أعيننا ولهم علينا حق الشكر والوفاء، ولكن هل رأيتم قَطّ ضيفاً يغيّر بيديه ترتيبَ أثاث البيت الذي استضافه أو يؤجّر الدار بلا إذن ولا توكيل من صاحب الدار؟

*   *   *

سمعت أمس تسجيل البغدادي المطول، وسمعه أكثر الناس، ثم سمعنا اليوم التسجيل الذي ردّ به الجولاني على البغدادي. بعد ذلك تابعت ردود الفعل في صفحات أنصار النصرة فوجدت حالة عامة من البلبلة والاضطراب، ويبدو أن بيان البغدادي قد سبب صدمة للكثيرين لأنه صدر بلا تنسيق ولا ترتيب مسبق مع جبهة النصرة. ولكني لم أقف عند الخلاف بشأن التنسيق المسبق، بل وقفت عند خلافهم على صاحب الحق في القطع بمصير سوريا: هل هو الظواهري الذي يقيم في أفغانستان، أم البغدادي الذي يقيم في العراق، أم الذين يقيمون على الأرض السورية، الجولاني وجماعة النصرة؟

أمعنت النظر في تلك المعمعة الغريبة فلاحظت غائباً لم يذكره أحد، فأحببت أن أذكّر المختلفين بذلك الغائب الذي كان قبلَ أن يكون الآخرون؛ الغائب الذي نسيه الجميع وهم يتناظرون ويتناقشون في صاحب الحق في تقرير مصير سوريا والسوريين. سأذكّركم بجزء من الحكاية لعله صار قديماً لدرجة أنْ يُنسى حتى كأنه ما كان!

*   *   *

منذ سنوات عاش في الشام طاغية ظنّ أن الفلك قد توقف عن الدوران وأن عرشه قد سُمِّر فيه بمسمار فلا يَحُول ولا يزول. وكيف يَحُول وقد ورثه من أبيه وسيرثه -كما توهم- من بعده الأبناءُ وأبناء الأبناء، فيرثه واحدٌ عن واحدٍ من سلالة القتل والإجرام؟ وكيف يزول وقد أعدّوا لحمايته ما لم تعرف دولةٌ في الدنيا مثلَه ولا نصفه ولا عُشره من الأجهزة الأمنية الوحشية القمعية التي تلاحق الناس في اليقظة والمنام؟

هكذا كان حال أهل سوريا قبل بضعة وعشرين شهراً. ثم أصبح الصباح عليهم ذات يوم فقال بعض شبانهم لبعض: إلى متى السكوت وقد ثار إخواننا في هذا البلد وذاك؟ أنعيش ونموت أذلّةً مستعبَدين كما عاش ومات مِن قبلنا الآباء والأجداد؟ إن هذا لا يكون!

في ذلك اليوم البعيد لم يكن أحدٌ من الفصائل المقاتلة قد وُجد في الدنيا ولا سمع به الناس. في ذلك الجو الكئيب المشحون بالرعب والرهبة خرج إلى الشوارع ألفٌ من المتظاهرين الأبطال وقالوا: “توقف أيها الطاغية عن الطغيان، لقد آن لهدم عرشك الأوان”. لم يقولوها همساً بين أربعة حيطان ولكنهم هتفوا بها بأعلى الصوت حتى تشققت منها الحناجر فبلغت عنان السماء، وبلغ من قوّتها أن أفاق منها شعبٌ أمضى في الرُّقاد نصفَ قرن مستسلماً للذل والهوان والاستعباد، فهتف الهاتفون مع الهاتفين: نعم، لن نسكت بعد اليوم، نموت ولا نعيش يوماً واحداً آخَرَ في الذل والهوان والاستعباد.

كانوا ألفاً أو بضعة آلاف، ثم ما زالوا يزدادون حتى صاروا ألف ألف، ثم خمسة آلاف ألف، ثم بلغوا عشرة ملايين وعشرين. أولئك هم شعب سوريا العظيم الذي استيقظ من رقاد طويل فقام يهز عرش الطغيان، بل قام يهز الدنيا ويُذهلها بأعاجيب الصبر والبطولة والرجولة وكرائم المعجزات.

هؤلاء الملايين هم الذين بدؤوا كل شيء؛ هم مَن أوقد نار الثورة، وهم من حمل مشعلها ومشى به المشوار الطويل، وهم من أبقى المشعل وقّاداً وهم يعيشون في قلب الإعصار، وهم ما يزالون حَمَلة الثورة وحاضنتها إلى اليوم. أين صوتهم؟ أين رأيهم؟ لماذا لا يتذكرهم أحد ولا يذكرهم أحد؟

*   *   *

سأخبركم بخلاصة المسألة: هؤلاء الملايين هم الأحق بأن يقرروا مصيرهم ومصير بلادهم، لا بل إنهم وحدهم أصحاب الحق، لا ولايةَ لأحد عليهم ولا حق لأي كان أن يفرض عليهم ما شاء متى شاء وكيف شاء.

لقد استمعت إلى كلمة الجولاني ثلاث مرات، وقد سرني أن يعارض شيخَه البغدادي الذي احتكر مصير شعب كامل ولم يسأله الرأي، وأحسن بقوله إن “دولة الإسلام في الشام ستُبنى بسواعد الجميع دون إقصاء أي طرف”، ولو وقف هنا لكان قوله صحيحاً تماماً، لكنه قيّد الطرف الذي لا يجوز إقصاؤه بقيود يمكن تسخيرها لإقصاء كثيرين، فقال: “دون إقصاء أي طرف ممّن شاركنا الجهاد والقتال في الشام من الفصائل المجاهدة والشيوخ المعتبَرين من أهل السنة وإخواننا المهاجرين”.

لا، هذا لا يكون. إن مصير أهل سوريا لا يقرره إلا أهل سوريا بجملتهم، ومن جملتهم مجاهدوهم الذين حملوا السلاح وشاركوا في القتال (ومنهم مجاهدو النصرة بالتأكيد)، كما أن من جملتهم الملايين الذين أوقدوا نار الثورة وحملوا حملها الثقيل إلى اليوم، بل يدخل في جملتهم كل من شارك في الثورة ولو بشق كلمة. يدخل في جملتهم الرجال الذين تظاهروا والذين اعتُقلوا والذين عُذّبوا، كما يدخل في جملتهم النساء اللائي حملنَ الحِمْل كاملاً غيرَ منقوص، فشاركنَ في المظاهرات والاعتصامات يوم كانت الثورة مظاهرات واعتصامات، ثم كنّ رديفاً للمجاهدين يوم صارت الثورة جهاداً بالسلاح، واحتملنَ ما يشقّ احتماله على صناديد الرجال.

أما إخواننا المهاجرون -الذين ذكرهم التسجيل- فإنهم ضيوفٌ على سوريا وثورتها، من حقهم أن يقدّموا الرأي والنصيحة ولكن دون فرض أو وصاية، فأهل سوريا أعلم بأمرهم وأقدر على تحديد مصيرهم، وإنهم لَيَملكون من الوعي والإدراك والإخلاص ما لو وُزّع على أهل الأمصار لكفاهم بإذن الله.

أجدّد شكري وتقديري لكل من شارك أهل سوريا في هذه المحنة العظيمة. لهؤلاء الصادقين المخلصين كل الحب والوفاء، ومع الحب والوفاء طلب ورجاء: اتركوا الشعب السوري ليحدد مصيره بنفسه، فإنه قد أظهر من النضج والوعي ما يعجّب ويُدهش، ولن يقبل بعد اليوم أن يكون مصيرُه لعبةً لا في أيدي الأصدقاء ولا في أيدي الأعداء.

هذا المنشور نشر في القاعدة وجبهة النصرة, رسائل الثورة. حفظ الرابط الثابت.

4 Responses to مصير سوريا يقرّره السوريون

  1. latif كتب:

    you said a good thing

    but you forgot that all dictators did not become tawagit without their masters in great countries

    immagine lieutenant gathafi governed lybia for 42 years

    immagine major abdolnaser governed all arabs during his politics life

    immagine captain asad changed to general, president then king with his son in syria for more than 40 years

    etc…etc

    those could not be kicked up without the force of great countries

    which easier for them to deal with one person than democracy and many parties

    thousands of lieutenants, majors and captains in lybia, egypt and syria but could not make mililary coupe

    syrian one is more important for them

    they allowed him to arrest, torture, kill, kick syrians from their home and distroy syria

    they still prevent syrians to buy weapons while they give butcher and his gangs orders to do more and give him more weapons

    in attempt to force syrians to accept him a king for ever

    they tell syrians to do that or syria will be like algeria

    please do not forget that

  2. أبو أنس كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي مجاهد لا شك أن الكلمة لها وزنها وأثرها , ولأني بعيد عن الواقع ولست سوريا كنت كثيرا ما أتحاشا الكتابة في المنتديات الخاصة بالثورة رأيا قد يكون سبب في أذى لأحد كائنا من كان , ولكن في يوم من الأيام وخاصة لما بدأ نجم النصرة يبزغ بطريقة غريبة , كتبت كلمات قليلات في شأنها في منتدى سورويون ولا أدري هل نشرت في ذلك المنتدى ام لا , وكان كلاني عبارة عن تساؤلات كثيرة لمن المصلحة في تسمين هذا الفصيل وهو الذي يحمل افكارا متطرفة فهو كالنار تأكل ماحولها ثم تأكل نفسها , وكان كلامي لأن المسلمين في سوريا كان في غياب او تغييب ولا تجد إلا صوفية اذن بها النظام وتحالف معها للعداء المستعر لها للوهابية في زعمهم فمن التزم دين الإسلام هناك كان على هذا النحو وعلى هذه الشاكلة و كانت جماعة الإخوان قد خرجت من سوريا قد خرجت بسب الأخداث المعروفة وانت تعرف ان جماعة الإخوان مبناها على التجميع على العمل السياسي بدون البناء على العقيدة ولهذا كان تعاملهم مع السيعة وحتى العداء ضذ النظام لم يكن مبنيا على العداء لهذه العقيدة المسخ النصيرية التي تسلطت على رقاب الشعب السوري تحت مظلة حزب البعث فلا جرم ان تتغير مصالحهم ونجدون انهم يعادون إيران هنا ويكيلون لها المديح هنا انها ناصرة المقاومة وللمعلومية في ثماننيات القرن الماضي لم ينتشر التشيع هنا في الجزائر إلا عن طريق رؤوس الإخوان لتهوينهم من امر العقيدةوقالوا انها ثورة إسلامية ان الخميني امام ويكال له المديح بينما يسب وينفر من علماء السنة حتى غدا ابن باز امام السنة عالما من علماء السلطان وما هو إلا محاربة للتوحيد وعقيدتنا الصحيحة وقد كتبت لما توفي البوطي واختلاف الناس فيه فذكرت ان من جعل العقيدة الصحيحة مرآته رأى كل شيء صافيا على حقيقته اما إذا كانت مشوشة وغير صحيحة كانت المرآة فيهل غبش اومقعرة ظهرت الصورة شوهاء ولهذا لما كان العلماء يحذرون من الرافضة والشيعة والصوفية والتكفير والخوارج من منطلق عقدي وذبا عن دين الله وهذه كتبهم في بيان حالهم وحال حتى حزب البعث القومي ولا أريد ان اطيل كان هؤلاء يقولون أنتم تريدون تفرقون الصف وهذا في مصلحة الإمبريالية نفس كلا الإيرانيين وكان هذا علم اليقين فلما جاء عين وحق اليقين وهو القتل والإغتصاب من النصيرية والشيعة صرخنا بأعلى صوتنا هؤلاء أعداء ألا ليت شعري هل ينف ندم ولات مندم ومن هؤلاء وسأسميه لأنه لا وقت للمواربة من يناصر الثورة على من العلماء ولكن لأن الحاكم قتل واغتصب وهذا لا يخالف منهجه فهو يرضي الجماهير كنجوم الفن ألا وهو القرضاوي ألم يكن القرضاوي يوما من دعاة التقريب بين السنة والشيعة ألم يكن يوما من المدافعين عن بشار بأشهر قليلة قبل الثورة ألم يسمع ذلك الوقت إلى مسخ بلاد الشام المباركة وإذلال أهلها هناك ثم يقول نحن نساند الثورة هولاء مكنوا لهم إرضاء للجماهير لإن هولاء مقاومة في زمن ما ولا تفجر الدم ذممناهم لإرضاء الجماهير او لعاطفة الإنسانية التي لا يخلو منها كفار العجم فضلا عن عجم الحيوان أعود وأقول في ما يخص النصرة اعتبروابما حصل في الجزائر والعراق وأفغانستان ولتجعل تصحيح العقائد والأفكار البداية لأن الأعمال فرع عنها ولكن ساحدثك عن الجزائر لما حدث ما حدث في الجزائر وصعد الجبال كثير من الناس الجبال وكان غالبهم ذو نزعة خارجية وتكفيرية والباقي عامة الناس تبع لهم افترقوا هناك لإختلاف منازعهم ولكن في بعضه نوع من تعقل على الخارجية التي كانت في ظهرت فجأة جماعات غلية في التكفير ةذات قوة وباس وكان نفس الأسلوب التلميع وانها دوخت الدولة واها نفذت عمليات في قلب النظام وأن الأمير الفلاني دوخ المخابرات وكان محاصرا فلم يستطيعوا الإمساك به فكان هذا كالمغناطيس يجلب إليه الغوغاء لتصب في مصلحة معينة وبدأت مرحلة التصفيات لمن كان في مسكة عقل وبدأ تكفير المخالفين فضلا عن الحكام وحدثت تصفيات رهيبة واقتتال رهيب كل هذا ويسعون في مارسم لهم سواء منا كان عميلا او كان لا يدري وفي الأخير فيه من تحول غلى لص أوساء ظنه بالإسلام وبرب العالمين لأنه لابد ان ينصره … وحدث مثل هذا في العراق لما كانت المقاومة العراقية على الهنات التي فيها تظهر القاعدة وتسمن بسرعة وتسليح ومال وعمليات مزلزلة بتواطؤ وكانه مغناطيس لجلب الشباب وبعهدا رموهم في محارق ثم ألتفت القاعدة الى أهل السنة وقتلت من لم يوافقهم وقتلت الشرطة في مناطق السنة حتى لو كانوا دخلوا لدفع بعض الظلم عن إخولنهم وحتى بعض الدعاة تم قتلهم من طرف القاعدة وصارت التفجيرات والقتل العام وبالشبهة والتكفير لأدنى سبب والغلو والتطرف حتى اضطرهم إلى انشاء صحوات في حكاية لا تنتهي في النهاية الحالة الجزائرية على عقيدتي لا تشبه الحالة السورية لأن الحكام وإن كانوا ظلمة فسقة مازالوا على اسم الإسلام الذي يعصم دماءهم اما الحالة السورية فهو احتلال رافضي باطني ونحن امام هذه الحالة يجب التعامل مع النصرة بإيفاد العلماء وطلبة العلم المشهورين وانشال الشباب المجاهدين من افكار النصرة كما فعل ابن عباس مع الخوارج حين ناظرهم وعاد منم الألاف حتى تبقى فئة قليلة يتعامل معها بحسب الحال وكنت وددت ان الجيش الحر بقي على القيادة الأولى حت وإن كانت مفضولة ولو وجد الأفضل صونا لحمى الجماعة ولاجتماع الكلمة ولكي لا تظهر هذه الكتائب المنتناحرة ولو جعلو لهم مرجعيات علمية لتحث الشباب على الإجتماع ونشر الوسطية لكان خيرا كثيرا وددت لو اكملت ولكن الوقت ضيق والله اعلم وبارك الله في مسعاك اخي مجاهد أخوك أبو انس طالب مرحلة الماجستير دراسات قرآنية الجزائر.

  3. عائشة المطيري كتب:

    نعم ياأبا انس انه التسمين والاختراق للممارسة ماحدث سابقا في العراق والحزائر وليس التكفيريين بل ايضا معهم المخابرات العراقية والايرانية والجزائرية

    والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لايعلمون

التعليقات