سقوط الصنم

الثورة السورية: خواطر ومشاعر (10)

10 حزيران 2011

سقوط الصنم

مجاهد مأمون ديرانية

اليوم أزال عناصرُ النظام صنمَ حافظ الأسد في حماة، وقبل أيام أزالوا صنمه في دير الزور؛ صنمان كبيران لم يزولا بأيدي الثائرين على النظام، بل بأيدي عناصر النظام والمدافعين عن النظام.

ما أكثرَ ما شاهدنا من أصنام كسّرها وحرّقها الثائرون الأبطال في طول سوريا وعرضها منذ تفجرت في سوريا ثورةُ الكرامة، لكنّ حادثتَي الدير وحماة ستبقيان المَعلَم الأهم عندما يؤرخ المؤرخون لهذه الثورة المباركة، وإن فيهما لَعبرة.

لقد بقيت الأصنام على الأرض عشرين عاماً وبقيت ثلاثين عاماً وأربعين لمّا سكنت الأصنامُ قلوبَ الناس، وفي اليوم الذي سقطت فيه الأصنام في القلوب لم تعد لها فرصةٌ للبقاء على الأرض.

قرأت مئةَ مرة فكرةَ مالك بن نبي رحمه الله عن القابلية للاستعمار، من حين هتف بشعوب الشرق المستعمَرة: “لا يُستعمَر شعبٌ إلا إذا سكنت قلوبَ بنيه القابليةُ للاستعمار”، ولكني ما فهمت معنى تلك الفكرة العظيمة حق الفهم إلا حين شرحها لي على الأرض شعبُ سوريا الحرّ العظيم، الشعب الذي سكن الخوفُ قلبَه نصف قرن ثم قرّر أن يثور على الخوف، فلا خوفَ بعد اليوم، الشعب الذي حطّمَ في قلبه الصنمَ فتحطمت على الأرض الأصنامُ.

لم يعش الناس عقوداً من الزمن حياةَ العبيد وصاروا يعيشون اليوم حياة الأحرار لأن النظام كان قوياً فصار ضعيفاً، لا، النظام لم يتغير، الناس هم الذين تغيروا. سكنَتْ قلوبَ الناس في الماضي قابيلةٌ غريبة للاستعباد فاستُعبدوا، وملأت بلادَهم أصنامُ الطاغية، وفي لحظة من لحظات التاريخ الفريدة نبذوا من قلوبهم هذه القابليةَ وهتفوا: “لا عبوديةَ بعد اليوم”. في تلك اللحظة تحطمت الأصنام في القلوب، وفي اللحظة نفسها فقدت أصنامُ الأرض فرصتها في البقاء.

اليوم أيقنت أن هذا الشعب قد نال حريته!

هذا المنشور نشر في خواطر ومشاعر. حفظ الرابط الثابت.

التعليقات