الثورة السورية: المرحلة الثانية: مقدمة

4/9/2011

الثورة السورية: المرحلة الثانية

مقدمة

مجاهد مأمون ديرانية

لقد بدأت ثورة سوريا العظيمة بلا خطة ولا إعداد. في أول الأمر خرج عشرات، ثم مئات، ثم ألوف ثم عشرات ألوف ثم مئات ألوف، ولا أستبعد أنهم اقتربوا من المليون ذات يوم. بدؤوا بالغضب ورجاء الإصلاح ثم انتهوا بطلب لا مساومة فيه: إعدام الرئيس وأعوان الرئيس من كبار القتلة والمجرمين. لم يكن لهم في البداية شكل محدّد ولا هدف موحّد، ولكنهم سرعان ما تحولوا إلى ثورة شعبية عارمة، بل صاروا أجمل وأعظم ثورة في العصر الحديث، لكنْ بقيَ الزمنُ عنصراً مجهولاً طول الوقت.

لقد اتخذ عمالقة سوريا القرار ولن يرجعوا إلى بيوتهم قبل تحقيق الهدف: انتصار الثورة وإسقاط النظام، ولكنهم بدؤوا يتعبون من طول الطريق، ومع التعب والخسائر والإصابات وارتفاع مستوى إجرام النظام راحوا يسألون: ماذا بعد؟ أو يتساءلون: هل حققت الثورة السلمية أي نتيجة حتى الآن؟ أو يتشككون: هل ستوصلنا الثورة بصورتها الحالية إلى نتيجة؟ أو ينادون: نريد دعماً دولياً وغطاء جوياً. أو يقترحون: لا بد من عسكرة الثورة والانتقال إلى القتال.

سأنشر في الأيام القادمة -بإذن الله- عدة مقالات للإجابة عن هذه التساؤلات ومناقشة هذه الأفكار، وقد بدأتها بعنوان “المرحلة الثانية” لأني رأيت أن الثورة أنهت مرحلتها الأولى مع غروب شمس آخر أيام رمضان ودخلت في مرحلة جديدة تقتضي تطوير وسائل جديدة، حيث بات من الضرورات إحياء الثقة بالثورة وبَثّ روح جديدة فيها والسعي لتوضيح معالم المرحلة المقبلة.

إن المرحلة الفاصلة بيننا وبين ساعة الحسم قد تكون قصيرة، وقد تطول كثيراً، اعتماداً على آليات الحسم التي سيعتمدها المجتمع الدولي الذي يبدو أنه قرر التخلص من الأسد والانتقال إلى سوريا ما بعد الأسد. على أن عالم السياسة مبني على اللعب الخفي والتحرك وراء الكواليس، وفي الظروف الاستثنائية يزداد خفاء الألاعيب السياسية بحيث يتعذر على المراقب الخارجي الجزم بأي احتمال. نعم، إن المؤشرات الحالية تشير إلى حسم سريع أكثر مما تشير إلى استنزاف طويل، لكن الحكمة تقتضي من الثورة أن تستعد لمرحلة طويلة شاقة وأن تضع خططها على هذا الأساس، وهذا هو تماماً ما أنشأت هذه المقالات من أجله.

في رواية سيرفانتيس الشهيرة يقول دون كيشوت: “إن الرجل المستعد يكسب نصف المعركة مقدماً”. إن التفاؤل بالأفضل لا ينبغي أن يصرفنا عن الاستعداد للأسوأ، فلنخطط إذن لمرحلة طويلة شاقة قادمة، ولكن لنَرْجُ وندعُ الله أن تنتهي المواجهة نهاية سريعة حاسمة لصالح الثورة بإذن الله.

*   *   *

هذه المقالات موجَّهة لكل ثوار سوريا الذين يتحركون على الأرض، ولكل من حمل همّهم ووقف مع ثورتهم وتحمس لقضيتهم في الداخل والخارج، وسوف أجتهد في تقديمها موجَزة مركزة بلا تطويل، لأن من الناس من إذا استطال المقالة تركها جملة واحدة، وأنا حريص على أن لا يفعل وأن يقرأها ويستوعبها ويعمل بها، لذلك سأميل إلى الاختصار. لكني لن أضحّي بتفصيل لا بد منه أو بشرح أجده ضرورياً في بعض الأحيان، فإذا وجدتم شيئاً من الاستطراد الممل فاقفزوا من فوقه، وإذا استطلتم المقالة فتنقّلوا بين فقراتها وخذوا منها خلاصاتها، وأرجو أن ينفع بها الله.

أيضاً أريد أن أقدم اعتذاراً مسبقاً بين يدي المقالات الآتيات، فربما وجدتم في محتوياتها بعض التكرار أو التداخل، فإني اضطررت إلى عرض الفكرة في موضع وإعادة استثمارها في موضع آخر مما يوحي بأنها مكررة، وإنما هي ضرورة السياق، فاعذروني.

*   *   *

هذا المنشور نشر في رسائل الثورة. حفظ الرابط الثابت.

7 Responses to الثورة السورية: المرحلة الثانية: مقدمة

  1. Obaydah Ghadban كتب:

    بوركت الجهود أستاذنا ..
    تقوم بواجب كبير باحتمال العبء الفكري للثورة .. فبوركت همتك ووفقك الله .. : )

  2. شكرا أخي الكريم، على المقالات الرائعة، بالنسبة لمتابعة التعليقات، أعتقد أنه يجب أن تتابع أيضا تعليقات موقع أرفلون، لأنه الأشهر في نشر مقالاتك، ولكي يسهل عليك ذلك، اذهب تحت التعليقات في مقالاتك، ستجد عبارة (اشتراك بالبريد الالكتروني) اضغط عليها، وأدخل بريدك، وافعل هذا مع كل الموضوعات، فهذا يمكنك من مشاهدة التعليقات في بريدك، والجواب على ما يلزم منها.
    وهذا الاشتراك لن تجده إلا إذا كان عندك حساب غوغل أو بريد جيميل، وكنت مسجلا الدخول إليه قبل فتح المقال.

  3. hikmat كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته _لقد كنت في بداية الثورة ارفض وبشدة ان تنقلب ثورتنا السلمية الى ثورة مسلحة وكانت تجول بخاطري دائما فكرة وهي ماذنب الناس الامنين ماذنب الاطفال والنساء والشيوخ المساكين واذ بي أرى بأن هذا النظام السفاح لافرق لديه بين اي مما ذكرت وغايته الوحيدة هي ديمومته ولكن هيهات …هيهات يا قاتلي الأطفال بأن نترككم تعيشون بعد أن قتلتم من قتلتم وشردتم الالاف ويتم أطفالا ورملتم النساء والله لن يسامحنا الله ان نحن تركناكم تهنأون بعيشكم ولن يسامحنا الشهداء وسنبقى ذليلين ان بقيتم على حالكم ولكن كما كنا وسنبقى نهتف(( الموت ولا المذله))…فهنيئا لكل شهيد الشهادة هؤلاء من ضحوا بدمائهم لكي نحيا نحن بعز وكرامة الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم..بسم الله الرحمن الرحيم((ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم ,الا خوف عليهم ولاهم يحزون ))..نعم الا خوف عليكم يا أحرار سوريا فافرحوا ولا تحزنوا فان نصر الله ات ….عاشت سورية حرة…والنصر للثوار…

  4. أبو سليم كتب:

    شكراً للمقالات الرائعة
    لقد أثبت السوريون بأنهم من أقوى شعوب العالم بإصرارهم وعزيمتهم في مواجهة هذا النظام الدموي البائد
    ونشكر كل الأخوة الذين يقومون بمساندتنا في الداخل عبر هذه التحليلات و المقلات الجميلة .
    وشكر خاص للأخ مجاهد مأمون ديرانية من تنسيقية مدينة نوى……….ونحن دائماً ننشر مقالاتك الجميلة على صفحة تنسيقيتنا
    https://www.facebook.com/nawa2011
    وكل الشكر لجهودكم المبذولة

  5. جزيت كل خير أخي الكريم، وأنا من المتابعين لك بشكل ربما يكون متقطع.
    اعذرني ان كان هذا هو التعليق الوحيد لمقالاتك، لكنني أثمن وقتك وتهمني كل ثانية من وقتك.
    لكن اقبل مني كلمة “شكرا” و Like على كل مواضيعك، ربما الآن x34 .
    تقبل تحياتي

  6. التنبيهات: الثورة السورية: المرحلة الثانية – مقدمة | أحرار

اترك رداً على hikmat إلغاء الرد